الحمد لله
الحمد لله هادي من استهداه
ومُجيب من دعاه
أحمده سبحانه وأشكره
على جزيل عطاياه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا تريك له
لا معمود بحقٍ سواه
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله
ومُصطفاه ومُجتباه
صلى الله وسلم وبرك عليه
وعلى آله وأصحابه وأتباعه
ومن سار على نهجه
واتبع هُداه
وسلم تسليماً كثيراً مزيداً
لا حدَّ لمنتهى
أما بعد
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله
فاتقوا الله رحمكم الله
وعلموا أن أعقل الناس
من تقوى الله
ومن تركَ الدنيا قبل أن تتركَه
واستعدَّ للقاء ربِّه قبل أن يُقابِله
وأصلِحَ قبرَه قبل أن يسكنَه
ومن تركَ ما لا يعنيه
فتحَ الله قلبَه
وشراحَ له صدرَه
ومن كثُرَ اعتبارُه
قلَّ عِثارُه
والحياةُ لا تستقيمُ بكثرة اللوم
ولا تهنأُ بكثرة المُؤاخَدات
ومن أكثرَ الخِصام
تجرَّأ عليه اللِّئام
ولا تستوي الحسنةُ ولا السيَّة
ادفَع بالتي هي أحسَن
فَأَيْذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِّيٌّ حَمِيمٌ
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٌ
معاصر المسلمين
الإنسانُ مدنيٌّ بطبعِه
لا يعيشُ منعزِلًا
بل يعيشُ إيجابيًّا متفاعلًا
يُصادِقُ هذا
ويُصاحِبُ هذا
ويقضِي حاجةَ هذا
ويصنعُ معروفًا لهذا
ويُسدِي نُصحًا لهذا
ما يستوجِبُ الشُّكرة لهذا
وإذا كان ذلك كذلك أيها الإخوة
فهناك سُلوكًا
سُلوكٌ أخلاقي
واسلوبٌ اجتماعي
خُلُقٌ جليل
فيه صلاحُ مُجتمع
وتقويةُ روابِطِه
ونسرُ الإلفة والمحبَّة في أوساطِه
سجيَّةٌ من سجايا الكرام
خُلُقٌ يدلُّ على سلامة القلب
وطهارة النفس
ونقاء السيرَة
هذا الخُلُق الكريم يتحلَّى به أناسٌ كرام
اصطفَأهم المولى عز وجل للجميل وللمعروف
همُّهم الإسعاد والمساعدة
لا يُرِدون جزاءً ولا شُكورًا
إنه خُلُق حفظ المعروف ورد الجميل
ومُقابلة الإحسان بالإحسان
وأحسن كما أحسن الله إليك
أيها المسلمون
والقدوة الأولى والأسرة العظمى
في ذلك نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم
فسيرَته كلُّها جمال
وكلُّها حفظٌ للجميل
مع القريب ومع البعيد
ومع المسلم ومع الكافر
وهذا قبَسٌ من هذه السيرة النبوية
أشتريفة المُباركة
تقول عيشة رضي الله عنها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
فقال الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة رضي الله عنها
فيحسنوا الثناء عليها
فذكرها يوما من الأيام
فأدركتني الغيرة
فقلت هل كانت إلا عجوزة
فقد أبدلك الله خيرا منها
فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب
ثم قال لا والله ما أخلف الله خيرا منها
وقد آمنت بي وكفرني الناس
وصدقتني وكذبني الناس
وواستني من مالها إذ حرمني الناس
ورزقني الله منها الأولاد إذ حرمني أولاد النساء
قالت عائشة
فقلت بيني وبين نفسي لا أذكرها بسوء أبدا
رأوه أحمد في مسنده
واضطبرنيه في الكبير
وحسن أهيثمي اسناده في المجمع
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا ذبح حشاة يقول أرسلوا إلى أصدقاء خديجة
وجاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو عند عائشة رضي الله عنها
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أنت فقالت أنا جثامة المزنية
فقال بل أنت حسانة المزنية
كيف أنتم كيف حالكم كيف أنتم بعدها
فقالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله
فلما غرجت قلت يا رسول الله
يا رسول الله تقبل على هذه العجوز
هذا الإخوة
قال إنها كانت تأتينا زمن خديجة
وإن حسن العهد من الإيمان
أخرجه الحاكم وقال الصحيح السنادي على شرط الشيخين
ومن حسن سيرته عليه الصلاة والسلام
وحفظه للجميل
ما ذكر من فضل أبي بكر رضي الله عنه
إذ يقول عليه الصلاة والسلام
ما لأحد عندنا يد
إلا وقد كافيناه
ما أخل أبا بكر
فإن له عندنا يدًا
يكافئه الله بها يوم القيامة
وما نفعني مال أحد قط
ما نفعني مال أبي بكر
ولو كنت متخذًا خليلا
لاتخذ أبا بكر خليلا
ألا إن صحيبكم خليل الله
أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
كما حفظ النبي صلى الله عليه وسلم
رضوان الله عليهم
حفظ لهم جميلهم
حين نصروه وآووه
وبذلوا الغالي والنفيس
في سبيل دعوته وأسرته
وآخوا إخوانهم المهاجرين
وواسوهم بأموالهم
وآثروهم على أنفسهم
فقال عليه الصلاة والسلام
لو لا الهجرة
لكنتم رأى من الأنصار
ولو سلك الناس واديًا أو شعبًا
لسلكتوا واديًا عنصاري وشعبها
الأنصار لسلكتوا واديًا عنصاري وشعبها

الأنصار شعار والناس الإثار
وقال أوصيكم بالأنصار
فإنهم كرشي وعيبي
أي موضع سري وأمانتي
قد قضوا الذي عليهم
وبقي الذي لهم
فاقبلوا محسنهم
وتجاوزوا عن مسئهم
كما حفظ عليه الصلاة والسلام
جميل الصحابة كلهم
رضوان الله عليهم
فقال لا تسبوا أصحابي
فلو أن أحدكم
أنفق مثل أحد ذهب
ما بلغ مد أحدهم
ولا نصيفة
بل لقد حفظ
عليه الصلاة والسلام
جميل المشركين
فهذا المطعم ابن عدي
سعى في نقضي الصحيفة
التي علقتها قرش
في الكعبة
لمقاطعة بن هاشم
وبن المطلم
لأنهم نصروا النبي صلى الله عليه وسلم
كما أنه
أي المطعم ابن عدي
أجار النبي صلى الله عليه وسلم
حين منصرفه من الطائف
فتسلح المطعم
هو وأهله وبنوه
وخرجوا حتى آتوا المسجد
ثم بعث إذا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أن يدخل
فدخل
فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وطاف بالبيت وصلى
ثم انصرف إلى منزله
من أجل هذا كله
قال النبي صلى الله عليه وسلم
في أسار بدر
لو كان المطعم ابنه
حيا ثم كلمني
في هؤلاء النتنة
لتركتهم له
وفي رواية
لو كان المطعم حيا
فكلمني في هؤلاء النتنة
لأطلقتهم له
أي أسار بدر
أخرجه أحمد والبخاري
معاسر المسلمين
حفظ المعروف والإثراف بالجميل
يكون لكل الناس
يكون للوالدين
وللزوجين
وللمعلمين وللناس أجمعين
أما الوالدان
فهما اللذان يسهران
لينام أولادهما
ويجوعان ليشبع أولادهما
ويمتنعان يعني الأكل
ليطعم أولادهما
وهما في كل ذلك
مغتبطان مسوران
والاعتراف بجميلهما
يكون ببرهما
والإحسان إليهما
وتوقيرهما
والأدب معهما
والبعد عن كل ما يكدرهما
فلا تقل لهم عفو
ولا تنسواهما
وقل لهما قولا معروفا
وقل لهما قولا كريما
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
وقل رب يرحمهما
كما ربيان صغيرا
أما الحياة بين الزوجين
فهي حياة سكنين وطمأنينة
وعيش كريم
وقد يقع ما ينقص العيش
ويكدر المعيشة
ويزعزل السقرار
وحينئذ
يأتي الاتراف بالجميل
وحفظ الفضل والمعروف
يريد السكينة
وينشر الطمأنينة
ويحفظ السعادة
فالزوج هو الذي يكد ويكدح
ليوفر العيش الكريم
والزوجة هي التي تحفظ الزوج
في غيبته وتربي الأولاد
وتحفظ المال
وتوفر الهدوء والاستقرار في البيت
فإذا ما أدرك الزوجان
جميل كل واحد
ومقام صاحبه
ظللتهما السعادة
وغشيتهما السكينة
ولا تنسوا الفضل
بينكم
أما المعلم
فهو الذي يبذل الجهد في التعليم
والمتابعة والتربية
وسروره حين يرى
التفوق في طلابه
والنجابة في ثلاميده
وحفظ جميله
بالاعتراف بفضله
واحترامه وتوقيره
والدعاء له والحذر من إيذائه
والإساءة إليه
يقول أبو حنيفة رحمه الله
ما صليت منذ مات شيخي حمد
إلا استغفرت له
مع والدي
وإني لا أستغفر
لمن تعلمت منه علما
أو علمته علما
ويقول أبو يوسف
إني لا أدعو لأبي حنيفة قبل أبوي
ويقول الإمام محمد
ما بدت ثلاثين سنة
إلا وأنا أدعو للشافعي
وأستغفر له
وبعد حفظكم الله
فرد الجميل
ينبغي أن يكون بأدب وكرامة
من غير منة ولا إهانة
والكريم أسير صاحب الجنة
والكريم أسير صاحب الجميل
وإذا صنعت جميلا فاستره
وإذا صنع لك جميل فانشره
ومن الحكم
إنحتوا المعروف على الصخر
واكتبوا الآلام على الرمل
فإن رياح المعروف تذهبها
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
هل الجزاء الإحسان إلا الإحسان
نفع الله وإياكم بيد كتابه
وبسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
ونحن نحن نحن نحن نحن نحن نحن
وأقول قولي هذا
وأستغفر الله لي ولكم
ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله
الحمد لله
تكفَّل بأرزاق الخلائق وكفاها
وبين لها طرق غشيها وهداها
أحمده سبحانه وأشكره
شكر من قام بحق نعمه ورعاها
وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا سريك له
شهادة
من عرف معناها وعمل بمقتضاها
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله
بعثه للناس كافة
فأقام الملة وأشهد بنيانها وأعلاها
صلى الله وسلم وبارك عليه
وعلى آله وأصحابه خير الأمة
وأزكاها وأبرها وأتقاها والتابعين
ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً
مزيداً دائماً لا يتناهى
أما بعد
معاسر المسلمين
إصنعوا المعروف لأهله ولغير أهله
فإن كان من أهله فبها ونعمته
وإن لم يكن من أهله فأنتم أهله
وإذا صنعتم المعروف فلا تنتظروا الجميل
بل إصنعوا المعروف لأنه خلق لكم
والنبيل لا ينتظروا الاتراف بالجميل
ولا أن يقابل إحسانه بإحسان مثله
ولا يريدوا بمعروفه لأنه خلق لكم
والتربية على الفضائل تحمي بإذن الله من الرذائل
ألا فاتقوا الله
ألا فاتقوا الله رحمكم الله
وعلموا أن مما يشق على النفوس
أن يقابل الجميل بالنكران
ويقابل المعروف بالأذى
والتنكر للمعروف يدل على لؤم الطبع
عافنا الله وإياكم من كل خلق ذميم
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهدهة
ونعمة المسدى
نبيكم محمد رسول الله
فقد أمركم بذلك ربكم
فقال عز قائلا عليما
إن الله وملائكته يصلون على النبي
يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما
اللهم صلي وسلم وبارك
على عبدك ورسولك
نبينا محمد
وعلى آله وأزواجه وذريته
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين
الأربعة
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن سائر الصحابة الأجمعين
والتابعين وانتبعهم
بإحسان إلى يوم الدين
وعنى معهم بعفوك وجودك وإحسانك
يا أكرم الأكرمين
اللهم آمنا في أوطاننا
اللهم آمنا في أوطاننا
اللهم آمنا في أوطاننا
وأصلح أئمتنا
وولاة أمورنا
اللهم أيد بالحق
والتوفيق والتسديد
إمامنا وليامرنا خادم الحرمين الشريفين
وأوفقه لما تحبه وتنظى
وارزقه البطانة الصالحة
وأعز به دينك
وأعلِبه كلمتك
نصرةً لإسلام المسلمين
وأجمع به كلمة المسلمين
على الحق والهدى
وأوفقه وولي عهده وإخوانه وعوانه
لما تحبه وتنظى
وأخذ من نواصيهم البر والتقوى
وأعينهم على ما فيه صلاح العباد والبلاد
اللهم وفق
اللهم وفق لأتأمور المسلمين
للعمل بكتابك
وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين
وأجمع كلمتهم على الحق والهدى
يا رب العالمين
اللهم احفظ
اللهم احفظ إخواننا في فلسطين
اللهم احفظ إخواننا في فلسطين
اللهم احفظهم بحفظك
واكلهم بعناتك وأحيطهم بنعايتك
اللهم ادرك أسرهم
واقل عثرتهم
اللهم اشفي مرضاهم وارحم موتاهم
واقبلهم شهداء عندك
اللهم حرر المسجد
اللهم حرر المسجد الأقصى
اللهم حرر المسجد الأقصى
من المحتلين الغاصبين
اللهم أعلي شأنه وارفع مكانه
وارسّق بنيانه وذبِّ تركانه
يسمع الدعاء
اللهم انصر جنودنا المرابطين على حدودنا
اللهم سدد رأيهم وصوي برميهم واشدد أزرهم وقوي عزائمهم
وثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وانصرهم على من بغى عليهم
اللهم ارحم شهداءهم
اللهم ارحم شهداءهم واشف جرحاهم
وافضهم في أهل مدرياتهم
إنك سميع الدعاء
اللهم احفظنا
اللهم احفظنا من شر الأشرار وكيل الفجار
ومن شر طوالق الليل والنهار
ربنا أتنفدني حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا على بنار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين